مارون النقاش
انتبهوا للإحتفال
بعد 30 أو 300 سنة
هذه مقالة
للاحتفاء بريادة ، "مارون النقاش 9 شباط 1817 " ، وهو المسرحي الذي باشر
العرض وبشروطه العالمية وللمرة الأولى الكتابة بوعاء اللغة العربية . فأصبح لنا
معه وانطلاقا من ما نشره له شقيقه نقولا
من مسرحيات ثلاثة في كتاب واحد بعنوان "أرز لبنان" وذلك بعد 30 ثلاثين
سنة على أول عروضه المسرحية سنة 1847. وقد قامت جامعة الكسليك بإعادة نشره سنة
2009 مقدما له وحققه الدكتور نبيل أبو مراد. كما ان الكتاب كان من الممكن له ان
يتخذ عنوانا مختلفا كان يجول في خاطر الرائد المسرحي اللبناني ،وهنا الإشارة الى
البحث عن تسمية مختلفة للفرقة المسرحة التي جمعها "النقاش" في بداية
الامر وقد اسر بهذا الشعار ،أو لاسم،
للرحالة الانكليزي " د. اركيوهارت" باعتباره يفكّر برسمه على
الستارة وهو مأخوذ من آثار بعلبك ليتحول بعدها ،وعلى نصيحة من الرحالة الإنكليزي
،الى الأرزة.
يمكننا الجزم انه
وحتى الآن لم تقرأ مسرحيات "أرزة لبنان" الثلاثة قراءة مشهديه تفصيلية
.والأكثر مدعاة للعجب وإثارة للاستخفاف بالمعرفة هو عدم تناول القيمة الموسيقية
الواضحة في الأعمال كما وضعها في سياق البنية المؤسسة للأشكال الموسيقية التي
ستخرج من التقليد الى التنويع والتطوير ، بالارتباط بالسائد من الموسيقى التركية
وتطعيمها بالفلكلور وخلافه وصولا الى النسق والأشكال التي قدمتها الأوبرا بأنواعها،
الامر الذي يتطلب الكثير لإنجازه. غير اننا نكتفي بتكرار شواهد مجتزأ منها كلام ناقص فلا يعطي الصورة الكاملة عن اسس
العرض الذي كان.
بهذا السياق من النافل القول هنا ان مدارسا
ونظريات تتحدث عن ان المسرح هو قبل كل شيء "عرض" ، أي ما تلخصه مقولة
" أدب يمشي على قدمين "، ويأتي لاحقا نشر النص . بما يخالف من يذهب الى
"تقديس" النص المسرحي واعتباره هو الأساس ولو ذهبنا في هذا المسرب الى
اعتبار ان المسرح هو الوسيلة المتبعة من التواصل ، وهي الأولى في اتباعها خاصية
الحوار بما يعني تعدد الأصوات ،التي استخدمتها النخب بالتعاون مع السلطات
المتعاقبة عبر لعصور ونظم الحكم المتبعة .
نتحدث هنا عن عرض
مسرحي ،ثبت في كتاب مطبوع كان الاسلوب الوحيد المتوافر حتى ايامه للتوثيق ، أطلق
تقليدا لكتابة المسرح ، ليصبح لنا ذاكرة من بعده صنعها كتاب ومؤلفين لمسرحيات
وصناعا لعروض، ممثلين ومخرجين وعمال حرف محددة .فيما سيعتبر ، ولو بشكل مفترض
وبلغة الحاضر، المجال الحيّ لخلطة تلاقي الأسطورة بالتاريخ ، بما ينبني على وقائع
يقابله الخيالات والأحلام ،وأثر تلك الكتابة على الاستعادة الإخبارية لوقائع
ممتزجة بلغة المنتصر على روايتها ،أو اثر مالكي وسائل التعبير عنها ،فيما سيعرف
بالمسرح وهو دائما كان الى جانب مالكي الوسائل ورعاتها مع الجمهور .
ربما ما تتمتع بها
هذه المساحة العارية من قدرة ، تعبير عن الحضارات واختلافها وانسجامها ومقابساتها
، فيما سيعرف دائما بالحقل المغذي للحوار والتواصل والتعارف والتعامل مع المجال
الداخلي ، الفردي الذاتي والحميم للإنسان ،وما هو اجتماعي جمعي ،جمهوري حاشد ، أو
متقابل متحاور، وبالتالي مبتكر للديموقراطية كمسرب لتنظيم العلاقات حول السلطة
واسلوبا للاختلاف والتشارك بالمواقع تناغما مع أقليات وأكثريات في مدينة ،هي
المساحة المشتركة ، يتقاسمها الجميع.
هذه الخشبة وقبل
ان نقارنها بغيرها أو بمخالفها و خلافها واختلافها باللغة والأسلوب والمشهد
والامكانات وبمختلف المكونات فيها مما يتجمّع لبنائه من فنون الشعر والمحاكاة
والزخارف المعتمدة للصوت وتحايل الصورة على المزج والإضافة والعمارة وما تلبسه وما
يلبسه الناس طبقات وأصحاب مهن وحرف عمادها الابتكار.
هذه الخشبة ، وما
كتب لها وما عرض عليها ،بعيدا عن مظاهر أخرى للاحتفال البدائي أو المركب والحاضن
لمشاعر التضامن والتكافل والتأسيس لعصبية جامعة ، كما هو حاصل ويحصل دائما في
تظاهرات الحشود لذاكرتها الجامعة أو استذكارا لتفلت من العقائد والقيم الأخلاقية
المتعارف عليها ، فيما قد يحيلنا الى الكرنفال وما شابه ،وبعيدا أيضا عن الإصرار
على ليّ " شكل " المقامات كنص أدبي بشروطه والابتعاد عن
"تقويله" ما لا يحتمل ، الى ما ينسحب على أشكال ومظاهر أخرى من المشهديات
، لنقول في نهاية المطاف ان " مارون النقاش " زرع بذار كتابة المسرح عبر
الخطاب باللغة العربية. بعده كرت السبحة !
بالمناسبة لم تحفظ
لنا الذاكرة من " مارون النقاش " سوى ما سبق وعرضه هو ،بدون ان يكون له
هو شخصيا القدرة على متابعة تحول ما انجزه الى كتاب باعتباره مؤلفا أصيلا أو معدا
أو مقتبسا وايصاله الى النشر، ويأتي ما قام به أخوه "نقولا النقاش "
وبعد سنين على الإنجاز ،هو حفظه لثلاث مسرحيات هي كل ما وصلنا من هذه المغامرة
الرائدة بدون ادنى شك.
لا يفوتنا التسجيل
انه ،وربما لم ننتبه كما كثيرين، لحلول ذكرى مئتي سنة على ولادة مؤسس المسرح
بالعربية. وهي ذكرى مرت بدون اي تفكير من قبل المسرحيين العرب أو اللبنانيين
بما يستوجب ذلك من
التفات لما كتب من مشاهد وموسيقى واغنيات كما انه لم يلتفت ايضا سوى الى اعادت ما
كتب ،وفي غالب الجديد هو استعادة وتكرار لما كتبه د. محمد يوسف نجم بدون اي تمحيص
او اضافات. كما لم يخطر لأحد من محاولة تقديم اي مسرحية ،ولو بشكل أركيولوجي ولو
بدون اي محاولة للتفكير بإخراج مبتكر، في الوقت الذي يحفل الريبرتوار المسرحي
باستعدات لعدد كبير من المسرحيين ومن مختلف العصور.
فاتتنا الذكرى
وندعي الاهتمام بالمسرح كما نخترع نظريات حديثة و جريئة وصادمة ،كلها بعيدة عن
تكريس المعرفة التفصيلية بمضمون وشكل المسرحيات الأولى . كما بارتباطها بمسرحيات
أخرى ، فلا دراسة مقارنة وافية، وكأن البدايات لا أهمية لها بظروفها فنسحبها الى
ظروف اخرى وعصور وسنوات لاحقة ونلعب بهلوانيا ،لعدم القدرة على امتلاك الوسائل
والمعارف ، ولكسل عميم نضيع الفرص والمناسبات لإعادة التفكير ولمزيد من الدراسات
الجدية فيكون من النافل التمني ان ننتبه بعد عشرين سنة او بعد ثلاثمائة سنة يجب ان
تظهر مناسبة الاحتفال بذكرى مارون النقاش محطة للدراسات المسرحية ولتحفيز الجدل باعتبار
الأرض عطشى !
قد تكون ثمة كتابة
مختلفة فاتتنا ، وقد لا تكون ،لا كنها غير واصلة بالتأكيد فبالاستناد الى ما كتبه
الناقد المتابع " عبيدو باشا " هناك كتاب للدكتور "انطوان
معلوف" بعنوان " مارون النقاش
اشكالية الأوبرا في نشأة المسرحية العربية" من خلال هذا العنوان تظهر
اثارة الموضوع وأهميته لكن ؟ أين هو هذا الكتاب ؟
وماذا بمقدورها ان
تسجله إحتفالية من العروض والدراسات التي تضع نصب عينيها الإحتفاء ب 200 سنة على
ولادة من قدم وكان رائدا للمسرح باللغة العربية ؟ هل نحن على قدر هذه المهمة ؟ ومن
لها ؟! في كل هذه الأمة .
بالمناسبة تقدم
احدى المواقع على الشبكة العنكبوتية صورتا لأبا خليل القباني باعتبارها صورة
لمارون النقاش ..!!بجوار مادة مكررة عن النقاش !
جان رطل الميناء في 27 ت2
2017
* انشرهذه المتابعة ، المقالة ، قبل ان تمر السنة ( لمن يهمه الأمر كما لمن لا
يهمه أيضا ) رفعا للإهتمام المتقطع وللنسيان المتقطع وعلى اعتبار آخر صياغة كانت
منذ شهر تقريبا .. وللإهتمامات شجون و شؤون .. !
file:///C:/Users/admin/Downloads/i003425.pdf
ردحذف