الجمعة، مايو 27، 2016

رأي في... كيف يدعم أصحاب المال مؤسسات ثقافية ؟

رعاية أم دعم
ريف أم مدينة..!




عندما تتسمى باسم الجمع ،بعيدا عن فردية تميزك ، تصبح عرضة لتدخلات الكثرة فيما تنوي أو تقوى على الاتيان به من مهام و رغبات ومشاريع تطرحها على مسماك ولو كان مشروعا شخصيا بأبعاد جماعية مفرطة في مروحة توجهاتها التي قد لا يضمها "صحن" أو كاس او لوحة لما للناظر اليها من تلوّن في شرحه واستمتاعه بالمذاق. والحال على هذا المنوال أو ما شابه قد يأتي الكلام عن "حالة " خاصة تأتي في نفس السياق من محاولة التدخل في مصائر ،بدون ان تضيف عليها أو تؤثر، حالك كحال كل الفقاعات والزبد الذي ملأ الاشداق والشطآن فغار في أعماق النسيان أو هكذا يبدو! ويا كلمة مع قائلها.! فكيف ان كانت الأذن قد انصتت لكثير من الكلام الى درجة ان القصة كلها قد وصفها البعض انها "ابتزاز بابتزاز" ولا ينطبق هذا الوصف على من يحمل الحملة و يسعى الى المسارعة في تقديم العون وتسهيل كل الشروط لإبقاء الامور على ما هي عليه باعتبار ان الجمع يرى الى نفسه ويفتخر بها على صورة ما هو مهدد ببقائه وبصورته عن رغباته وامانيه واحلامه.
لما تساق كل هذه الطلاسم؟ والحديث يدور عن "حالة" كورال الفيحاء والدعم المقدم له ،مهما بلغ قيمته المادية ، والمراد ان يستمر ويتضاعف لما يقدمه من خدمات وانجازات. ولكن أيضا للحديث عن رعاية أخرى ولن نجري الكثير من المقارنات هي فقط مشاهدات مرت "في يوم و ليلة" على هذا النسق أو على هذا المنوال كما تجري الامور دائما وتبقى طيّ الكتمان..!




                         في يوم وليلة مهرجان و ملتقى..!  
تتلقى الدعوة مصادفة ،باعتبار انك واحد من خمسين متخصص ومتابع لشؤون مشابهة في المدينة ،تتلقاها وانت تمرّ من امام واحد من الصروح الخاصة / العامة بالصدفة خاصة ان النسيان هو ملازم ، او متلازم مع المكوّن الهستيري للرغبة الجامحة بالمحافظة على الذاكرة، تتلقى الدعوة ،بالتاء المربوطة، تقرأ : برعاية معالي الوزير (.. )وبمناسبة انعقاد ملتقى المربين الموسيقيين العرب الاول الذي ينظمه المجمع العربي للموسيقى من 7 ـ 9 نيسان في (..)تقدم فرقة الغناء العربي ـ جامعة الروح القدس ـ الكسليك بقيادة د. غادة شبير وذلك (..)هذا العرض اقيم كحفل من احتفالات اقيمت بالمناسبة وهو يتوج اختتام الملتقى!
اللافت ان المؤسسات المشاركة والداعمة كثيرة وكثيرة جدا . وعلى كثرتها ! عند الوصول الى المكان / المسرح الذي يعتبر من أكبر المسارح في المدينة وهو لمؤسسة من أكبر المؤسسات التربوية على الاطلاق. تصل الى المكان بالتوقيت المناسب دقائق قبل موعد الحفل، ويصادف أيضا وأيضا ، وخلال انتظار سيارة اجرة ان يلقاني المؤلف الموسيقي الملحن "خالد عرنوس" فيسألني ان يقلني الى حيث أذهب فأحاول التملّص لكن مع إصراره اخبره انه ممكن اننا نذهب الى نفس المكان ، يستغرب !،أخبره ان الموضوع حفل موسيقي بالتأكيد انك مدعو اليه!؟،يزيد استغرابه، عندها يصرّ ويوصلني مشترطا علّ تقديم تقرير عن الحفل...!،وها اني أفعل له ولمن يهتم..! وبرعاية قلمي "الرصاص" أقصد لوحة الاحرف الموصولة بالحاسوب .!! اللهم أعنا على قول كلمة لعوب لا يطالها ما يشوب الكلام من سحر النصيحة لمن لا يرغب في ادارة الاذن والفم والحنجرة..! طالما اننا كنا ننتظر "كورال" بما يعني مجموعة من الحناجر!





انتظرنا وإن لم يدوم الانتظار كثيرا. مدة تكفي ليلتحق الجمهور القادم بالحافلات بمن كان جاهزا من عناصر الجوق وافرقة الموسيقية التي تألفت من اساتذة كل على آلته :كمان ، ريشار قندلفت ـ وائل سمعان ـ ريمون ناصيف، ناي سمير سبليني، قانون ماريا مخول ، عود عفيف مرهج ، كونترباص بسام صالح، دف نادر مرقص. الى مجموع من المغنين ،مع الاعتذار اختار منهم من غنى فرديا أيضا :كل من وائل ملاعب ،ايلي انطانيوس، جان شهيد ،جانيت شربل واكيم ، علاء فرح و ماريا تريز خوري. وبحسبة بسيطة يكون مجموع من قدم البرنامج 33 منشدا ومنشدة مع 8 موسيقيين وقائدة أوركسترا وكورال. ونفهم ان الحضور المتأخر كان من المشاركين في الملتقى مع أقارب الموسيقيين وانسبائهم..! في الوطن والمهجر..؟!.. أين الجمهور ؟ أين الهيئة التعليمية للمؤسسة التربوية "الكبرى" الا يوجد فيها من يستسيغ الموسيقى؟! أين الجهات الداعمة ؟




المؤسسة التي تنظم اللقاء من المؤسسات في الجامعة العربية... اين ؟؟ أين !؟ ندعم بالمال! أين الناس الذين نسعى الى تقديم الثقافة والعلم لهم؟ حضر الامين العام " د . كفاح فاخوري" كما حضر رئيس الهيئة من الجزائر ،وطابة له الاقامة في طرابلس وغض النظر عن عدم وجود حضور؟،وهو وزير ومسؤول سابق في حكومات "الامين البشيشي" ـ ربما فاتني حرف من اسمه فأعتذر ـ كل ما تم تحضيره للتقديم كان يشير الى أمسية كبرى رفيعة المستوى موسيقيا وقد تضمن الموشحات ، الاغنيات من مدارس للألحان المختلفة من سيد درويش الى الأخوين رحباني و فيلمون وهبة محمد عبد الوهاب وديع الصافي و محمد فوزي وصولا الى روميو لحود مروحة من الانغام التي أثرت الأمسية وجعلتها تتنقل بين ما يقارب مئة سنة من الممارسة التلحينية للنهضة الموسيقية الغنائية العربية ما لعب بوجدان الحضور الذي لم يملأ سوى ربع مقاعد القاعة...





                              ...ويحدثونك عن الدعم  
 اما بعد ، فكيف لي !،ان أقبض عن جدّ ! الرغبة في الدعم وهي رغبة هلامية لا ترتكز على اي اساس معروف غير إغداق الاموال!
ولمن ندفع الاموال ؟ هل من مؤسسات تواكب تهتم ؟ تدير ؟ أم ان كلما نقوم به فردي متروك لمصيره لمهواره للوادي بدون قعر ! لطريقه بدون ما يحدها عن اليمين وعن اليسار وعن الوسطيات المزروعة أزهار؟
وكيف يدفع الداعمون وكيف يحجمون ؟ وبأي اسباب! وهل بنينا مؤسسات في حال تبدلت الامزجة بإمكانها البحث عند من يدعم "المشاريع المؤسسات"! ـ كما في تجربة فنية أعرف انها تتلقى الأموال على اساس موازنة سنوية تدفع بالكامل سنويا ،غير ان الداعم يتابع سنويا ، عبر مشرف مالي صدقية وشفافية المصاريف، فهل نستطيع ان نتعالى على فرديتنا وشلليتنا وننشئ مؤسسة ،تعاونية، جمعية لا تبغى الربح ، الخ. هناك وسائل كثيرة.. تحفظ المشروع !
غير ان اساس الموضوع يذهب الى صلبه. هل تقدم هذه "الهوبرات" الغير مدروسة خدمتها بأن تكوّن جمهورا مثقفا أو في طريقه لتكوين ثقافة ،موسيقية كانت أو غيرها، ام أن ثمة أزمة حقيقية بين "الرعاية" ومنطقها المبتور، الذي لا يستطيع ان يطوّر حضور جمهور، وبين سياسة الدعم التي تخلق مؤسسات تترك لتصبح حاضرة بقوة مشروعها ! ومن يستطيع محاربة ظروفه وقدرته على الحياة تحتضنه أعماله والنتائج! من هنا قد نفهم حماس مرسال خليفة حين قال  :" إلى كل الذين بإمكانهم مساندة كورال الفيحاء ولا يفعلون
ألا يعذبكم ضميركم ؟لو كُنتُم محققين انسانيتكم ومتحررين وأحياء لجعلتم من هذه الأصوات الصادحة مصدر قوّة لكم!حوّلوا هذا التحدي تفوقاً على انفسكم تفجيراً مضاعفاً لطاقاتهم في التقدّم والمتعة والازدهار !
لقد أعطتكم الفيحاء وكورالها " حجّة " للنهوض .. فانهضوا !" ولم يكتف بالكلام فقد ساهم بنحو 200 نسخة من ألبومه الجديد "أندلس الحب" أهدى ريعها للكورال .




لم تغب المؤسسات الكبرى "العزم" و"الصفدي" عن الموضوع وهي تقدم غير انها في هذه "الهمروجة الفقاعة" بدت وكأنها تدير استدراج عروض في احسن الاحوال للمساعدة في حل معضلة . ان لم نسوق تعليق اكثر سخرية يقول :" هللق المليرديرية لازمهون صينية ع الكنيسة والجامع!"

بصراحة كل الموضوع بحاجة الى إعادة تفكّر وليس أذكى من رأس المال في اجتراح الحلول والوسائل التي تناسبه. بعد ان يقرر ما هي قضيته من كل هذه المعمعة. "فورد فونديشن" الذي يصفها كثر بانها استعمار والسمفونية التابعة! تقدم المال بالكامل وتدع المؤسسات تديره مع اشراف لاحق وتدقيق ممل طبعا بهدف تجديد الدعم وقد يكون الامر على سنتين. بهذا الأسلوب تتحرر كل المؤسسات وينتظم عملها ولا ينشغل بالها إللا لآجال محددة. فهل نتحول من الرعاية الى دعم مديني يبني انشطة وأعمال وتنمية اهلية أم نبقى الريف القابع في ذاكرته والتي لا يدري كيف يتعامل معها فيخسرها ويخسر الحياة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق