الجمعة، يناير 08، 2016

كتاب 1860 تاريخ وذاكرة نزاع



متابعة منشورة في جريدة الإنشاء
عدد يوم الجمعة 8 ـ 1 ـ 2016





كتاب 1860 تاريخ وذاكرة نزاع
قراءات لوثائق وشهــادات جديدة

نشر المعهد الفرنسي للشرق الأدنى ،وقائع الندوة العلمية التي عقدت في بيروت بين 5 و 7 تشرين الأول 2011 وكانت تحت عنوان "1860 تاريخ وذاكرة"، في كتاب حمل نفس عنوان الندوة وقد أهدي المجلد الكتاب ،المكون من 480 صفحة، لرئيس اتحاد الكتاب اللبنانيين السابق "سليمان تقي الدين" الذي كانت له مداخلة بعنوان "الذاكرة الدرزية و حوادث 1860" .
أشرف على نشر الكتاب المرجع كلّ من ديمه دو كليرك ، كارلا اده ، نائلة قائد بيه و سعاد سليم



وهو نتاج لتعاون المعهد الفرنسي للشرق الادنى ، جامعة القديس و جامعة البلمند .المداخلات توزعت بلغاتها على العربية والانكليزية والفرنسية واتت من باحثين قدموا من مشارب ومؤسسات جامعية مختلفة. من بين المقدمات التي تكلم فيها ممثلي الجهات المشاركة تحدث د. جورج نحاس ومما قاله  "لذلك اعتقد انه وانتم تدرسون نزاع 1860 ستلاحظون الاحداث التي حضرت لها وبهذا ستقدمون الفرصة للذين يملكون الارادة الحسنة كي يستخلصوا دروس التاريخ لبناء عالم أفضل."
محتوى الكتاب المجلد تناول في قسمه الاول "الحدث" في تعدد الإطارات ،فهم أحداث 1860  في الإطار العثماني والعام موضوع اسامة مقدسي، دولة التنظيمات وجبل لبنان : أرض الاوهام المهذبة دراسة لسليم ديرينجيل ،من امتيازات المسلمين الى امتيازات المسيحيين والاجانب : ملاحظات حول التنظيمات وأثرها على سوريا مداخلة محمود حداد ،تلاها الحديث عن الاسباب الداخلية للأحداث الطائفية في جبل لبنان خلال القرن التاسع عشر من نائل أبو شقرا، التحولات في الملكيات العقارية في الشرق أثر الحوادث من عبدالله سعيد.
القسم الثاني تم تناول الحدث بحسب شهادات ووثائق من ذلك العصر وكانت الاوراق على هذا النحو : أحداث عام 1860  من خلال مخطوط تاريخي جديد قدمها عبدالله  الملاح ، المشاركون من الدروز في نكبة 1860 من نائلة قائد بيه ، رحلات الى الشرق 1588 ـ 1835 وما تلتها يوميات الكونتيسة دي برتوي من جيرار خوري ، الاحداث في القائممقاميّة النصرانية ودور البطريرك بولس مسعد استنادا الى ارشيف بكركي من الكسندر ابي يونس ،الطائفية في أرياف ولاية الشام استنادا الى مدونات القنصل البروسي في دمشق من عبدالله حنا ، العلاقة بين حوادث حاصبيا و "القومية" في دمشق سنة 1860 من خلال مخطوطة جبرائيل ميخائيل شحادة الدمشقي دراسة جوليا الراسي ، أحداث دمشق عبر اشكالية المواطنة والامتيازات استنادا الى مذكرات سليم دبّاس من الأب جورج مسّوح ، التعويضات المدفوعة للمسيحيين بعد مذابح 1860 ورقة سعاد سليم .
القسم الثالث تناول الموضوع من خلال فهم القانون ، التاريخ ،والذكريات الجماعية للحدث وكانت المداخلات على الشكل التالي : ازمة جبل لبنان في النصوص القانونية : السعي الى تدخل انساني مميز لبسكال هّران ، بطرس البستاني وأحداث 1860 من خلال جريدة " نفير سوريا " قدمها خليل ابو رجيلي ، تاريخ بين الضوء والظلمة : 1860 في المجلة الفينيقية 1919 من ميساء جلول ، مذابح 1860 في لبنان من خلال الكتاب المدرسي اللبناني منذ 1914 لمروان أبي فاضل ، نظرة نقدية لحوادث 1860 ورقة رياض غنّام ، من الحركات الى حرب لبنان ( 1975 ـ 1990 ) : مفهوم المذابح وتصوراتها عند المسيحيين والدروز في جنوب جبل لبنان من ديمه دو كليرك ، الذاكرة الدرزية وحوادث 1860  مداخلة سليمان تقيّ الدين ، وختام المداخلات : التاريخ وتوظيفات ذاكرة النزاع قدمها برنار هيبر جي.
وفي الدخول الى مقتطفات من الدراسات المقدمة ننتبه الى ما ورد في قراءة سليمان تقي الدين في الذاكرة الدرزية و حوادث 1860 والتي ربما يختصرها هذا المقطع :" تلاشت ذاكرة أحداث 1860 لدى جماعة الدّروز أكثر بكثير مما هو متوقّع، فلولا حرب الجبل ( 1982 ـ 1983 ) لما حضرت أزمة العلاقات الدّرزية المارونيّة.
انصرف الدروز في عهد المتصرّفية الى الاندماج مع الموارنة في بناء نواة لبنان الدولة .تخلّص الطرفان من سيطرة الإقطاع ونشأت إدارة حديثة شرّعت أبواب الترقي الاجتماعي والثقافي والمشاركة السياسية. انجذب الدروز إلى المؤسسات المارونية الأكثر تقدّما وراحت النخبة الدرزية تتلقّى علومها في مؤسسات الموارنة وتبني علاقات سياسية مشتركة، من فرير دير القمر وسواها من مدارس الرهبان إلى عينطورة والحكمة في بيروت . تراجعت الثقافة التقليدية ( الإسلامية العثمانية آنذاك ) لصالح التّفاعل مع حركة التحديث والإصلاح، ثم الانتقال إلى ثقافة النهضة العربيّة. تشارك الدروز والموارنة في هذا التيّار وتعاونوا سويّة في الكثير من الحركات الأدبية والجمعيّات التي كان لها هذا التوجّه.



مع الحرب العالميّة الأولى (1915) لم يكن تمايز الموقفين الماروني والدرزي حادا. كانة فكرة الإحتفاظ بكيان المتصرفية في إطار دولة عربيّة في سوريا فكرة مشتركة."
والذي من الممكن ان يزاد عليه ايضا ما يلي :" حصل التوتر الفعلي في العلاقات الدرزية المارونية في حرب الجبل ( 1982 ـ 1983 ) عندما تعرض الدروز لهجوم سياسي عسكري في معقل وجودهم ، وشعورهم بالتهديد الجدي على مصيرهم، الذي تراكم بتداعيات الحرب." ولو بدا في الأمر اجتزاء ما غير ان ذلك يمكن ان يكون مدخلا ، من مداخل عديدة، لتكون صورة من جوانب متعددة. يضاف اليها كمثال آخر ما ورد في شهادة ديمتري دبّاس  التي عرضها الأب الدكتور جورج مسّوح



وجاء في جزء منها :"وهذه السنة (1860) سنة الفاجعة العظيمة التي حدثت كما هو معلوم في تواريخها عند العموم، مذابح بدأت بجبل لبنان حتّى وصلت إلى دمشق. وهذه مضت علينا كما دار حينها حرفيّا، بقدر ما نفتكر به بتلك الأهوال العظيمة التي مضت علينا، والعجائب من الله التي سلّمتنا كما يلي ...".يروي الدبّاس أن صلحا عقد، إثر حرب القرم، "على جملة شروط منها أخذ عسكر من المسيحيين. وأرادت الدولة أن تلغي الشروط، فأرسلت تطلب بدل العسكريّة من جميع ولاياتها. فأجاب جميع بلادها بأنّهم يدفعون متى تدفع الشام. فأرسلت حالا أحمد باشا سرّعسكر إلى الشام وطلب بدل العسكريّة، فلم تقبل الطوائف أن تدفع حتّى تدفع طائفة الروم الأورثوذكس قبلها. وهذه رفضت ان تدفع مالا بل عسكرا بالتسوية. وكانت روسيا تحرّضهم على هذا الطلب بألاّ يدفعوا بدلا ،بل رجالا بحسب الشروط المعطاة في حرب روسيا. فانغشّت الطائفة وافتكرت روسيا تأخذ بناصرها. فتنازل أحمد باشا عن طلبه من مئة ألف غرش لحدّ عشرة آلاف غرش، ولم تقبل الطائفة، وكانت تقول : لا يوجد عندنا سوى رجال"(...)امتلأ السرّعسكر غيظا وحبس من طائفة الروم أربعين نفرا مع اثنين من الكهنة ..وفي الليل حضر عندهم وأخذ يتلطّف بهم ويطيّب خاطرهم وفك قيودهم. أما المرحوم نقولا صرّوف فقال له :" هذا الجنزير لا أفكّه إلا بروسيا". فامتلأ أحمد باشا غيظا وكمن له الشرّ، وكتب الى البطريركية الارثوذكسية يحرّضها ان تعظ شعبها".
كان البطريرك إيروثيوس غائبا في الآستانة ،وكان وكيلاه الشمّاسين ساروفيم و يوسف. فنادى الوكيلان الشعب وتليا عليهم إسطاطيكون ( منشور كنسي )يطالبهم بأن يخضعوا للدولة ويدفعوا المال بدل العسكريّة . فهاج الشعب على الوكيلين و رفضوا طلبهما. فكتب الشمّاسان ساروفيم و يوسف "تحريرا" أرسلاه إلى أحمد باشا يشتكون همجيّة الشعب ويطلبون الأمانة لأنفسهم. أخذ أحمد باشا هذا التحرير وأرسله الى الباب العالي فأتاه الجواب بأن يكسر أنف الشعب.".

من جهتها أجرت الدكتورة سعاد سليم تقيما لما قدمته التعويضات للمتضررين في املاكهم البيوت والأراضي الزراعية والمحاصيل ، ايام 1860 ، مقدمة اياها  ومقارنة بين ما جرى في التاريخ القديم والذي قامت به وزارة المهجرين بعد الانتهاء رسميا من الحرب الاهلية في لبنان ( 1975 ـ 1990 ).كما شرحت الهدف من مجمل العمل ،في ندوة اقيمت في معرض الكتاب في البيال  ـ بيروت، فأشارت "سليم" الى أن هذا العمل يهدف الى تحديد صانعي هذه الأحداث من موارنة ودروز وأتراك من "مقاطعجية" وفلاحين وتجار وإرساليات وأجانب مقاولين وسفراء من دون التفريق بين القتلة المتوحشين والضحايا الشهداء أو بين الغالبين والمغلوبين... تطلب هذا الكتاب جهد بحثياً شارك فيه باحثون لبنانيون فرنسيون وتركي وسويسري حيث تم التعاون بين الجامعة اليسوعية وجامعة البلمند والمعهد الفرنسي للشرق الأوسط وجمعية لبنان النهضة.





 الجدير ذكره انه للدكتور محمود حداد عن التحول في الامتيازات بين المسلمين والمسيحيين والأجانب في ظل "التنظيمات" العثمانية وأثرها على سوريا.
  

ج.ر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق