"أنطونيو بيلليتيري" من
جامعة باليرمو
محاضرا عن صقلية
الإسلامية الفاطمية
بدعوة من كلية
الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة البلمند وبرنامج الدراسات الثقافية فيها حاضر
البروفيسور "أنطونيو بيلليتيري" من جامعة باليرمو الايطالية حول " صقلية الإسلامية : إشكالية الصورة
والتأريخ ".
تحدث بداية عميد
الكلية الدكتور جورج دورليان مرحبا بالبروفيسور الزائر معرفا به و بموضوع المحاضرة
ولفت قائلا :" الجدير ذكره أننا اليوم في جامعة البلمند نبني علاقة جديدة مع
جامعة "باليرمو" نتمنى أن تتطوّر مستقبلا نسعى خلالها لبناء برامج
مشتركة بيننا وبينهم".تلاه البروفيسور المستعرب "بيلليتري"
ومما
قاله :سأتحدث عن صقلية الإسلامية وعن الدراسات الإسلامية حولها.اخترت أن أتحدث
بالعربية لأمرين الأول لأن اللغة العربية كانت لغة أجدادي لمدة قرنين ونصف في
العصور الوسطى،وحتى خلال فترة سيطرة النورمنديين أيام فريدريك الثاني،حيث كانت
اللغة الرسمية إلى جانب اللغة اللاتينية واللغة اليونانية.الأمر الثاني لأن أستاذي
ومعلمي "أومبيرتو ريتسيكانو"المستعرب المشهور الذي توفي سنة 1980 وهو
كان رئيسا لقسم الدراسات العربية الإسلامية في جامعة باليرمو من بعد الحرب
العالمية الثانية وقد ولد في مصر وكان يتحدث اللغة العربية بشكل ممتاز.كان دائما
يطلب منا كطلابه في القسم ان نتحدث بالغة العربية.
صقلية الإسلامية
أحب أن أتحدث أولا
عن مقالة قرأتها،قبل أيام،عن مؤتمر جرت أعماله مؤخرا في مصر تحدث فيه شيخ ونظّمه الأزهر
بمساعدة وتعاون من مجلس اللغة العربية في لبنان عن موضوع المستشرقين والتراث
العربي.موضوع جميل.ما بين المحاضرين تحدث دارس لبناني هو الشيخ عبد الناصر الجمري
وقال أن الاستشراق استطاع تقسيم أبناء أمتنا.أنا كمستشرق لا أريد ان أقسّم أبناء
هذه الأمة العربية أو الإسلامية بشك عام.
ماذا كانت تمثل
صقلية بنظر المسلمين؟كما هو معروف صقلية هي أكبر جزيرة في البحر الأبيض
المتوسط واهتمام المسلمين بها قديم
جدا.منذ فترة بني أمية وهم ينظرون إلى الجزيرة كمركز مهم للسيطرة على العلاقات
والمواصلات في هذا البحر.وهذا الدور قديم وتاريخي من أيام الفينيقيين بحيث تمثل
المركز للتواصل بين الشرق بالغرب وبالعكس.المسلمون كانوا ينظرون إلى صقلية كهمزة
وصل.والوصل كلمة جميلة كما كتب يفسرها ابن منظور في لسان العرب باعتباره الوصل
خلاف الفصل.هذه النظرة للعلاقة بين أوروبا الجنوبية والعالم العربي الإسلامي هي
نظرة جميلة.أذكر الصفحات التي كتبها عن دور صقلية شيخ الأزهر محمد عبده عندما
زارها عام 1902 وكان عائدا من فرنسا إلى مصر.حين توقف في "ميسينا" وسافر
الى باليرمو زائرا الآثار التي خلّفها العرب والمسلمين فيها.كتب عن دور همزة الوصل
تلك "باليرمو"وهي مدينة "صقلية" بالنسبة للعرب المسلمين.أو
"المدينة"،بدون أي إضافات،أو "بالارمو" للكتابات العربية الإسلامية.إنما
المعتمد أكثر "المدينة" كما يطلق على المدينة المنورة،خاصة خلال العصر
الفاطمي،وباعتبارها امتداد لشمال أفريقيا.
الفتح الإسلامي
لصقلية كان سنة 827 ميلادية والمصادر التي نقرأها عن هذا التاريخ عديدة منها
القديم والآخر الجديد منها العربية ومنها الاوروبية.المصادر الحديثة والمعاصرة
ومعها كل البيبليوغرافي عن صقلية فقط يحتوي على اتجاهان منه من ينظر إلى تاريخها
كجزء من التاريخ العربي الإسلامي حيث تعتبر الدراسة كجزء عن دراسة دار الإسلام
بشكل عام وبالتالي علاقة صقلية بالبلدان والدول الإسلامية في البحر الأبيض
المتوسط.ومنها الكتابات التي تنظر إلى صقلية بشكل مستقل. بدون هذا المدخل لا
نستطيع ان نفهم دور صقلية في الفترة الإسلامية في الفترة بين الفتح الإسلامي
والغزو النورمندي.المطبوعات المعاصرة عن تاريخ صقلية،ومنها مطبوعات عربية،معروفة
في مصر أو في غيرها من البلدان العربية الأخرى كالمغرب على سبيل المثال.حيث الإشارة
إلى كتاب مهم،وهو أول كتبه،للدارس المغربي الجزائري "احمد توفيق
المدني"المسلمون في جزيرة صقلية وجنوب إيطاليا"مثالا أو كتاب إحسان عباس
"العرب في صقلية"وهو كتاب معروف ومشهور لكن هذين الكتابين هما كتابين
يسيران بالاتجاه الذي يعتني بتاريخ صقلية فقط.
بعد الثمانينات
تغير الاتجاه وخاصة من خلال مساهمة باحث عربي هو العراقي تقي الدين عرفة الدوري
الذي يعمل حاليا أستاذا في جامعة الأردن وله الكتاب المشهور بعنوان"صقلية
الإسلامية علاقاتها مع الدول الإسلامية في البحر الأبيض المتوسط" كما يرد في
العنوان الفرعي أيضا باعتبار انه التاريخ كجزء من تاريخ الإسلام عامة.ونتعرف على
كل المصادر التاريخية العربية من خلال ما جمعه "مايكل ايماني" في كتابه
الضخم تاريخ مسلمين صقلية والذي يعتبر الكتاب الأساسي وكتبه في القرن التاسع عشر
حيث احتوى كل ما هو متوفر في أرشيف أوروبا من مصادر،خاصة في باريس وايطاليا،وكتب
تاريخه.لكن هي مصادر لمؤلفين عرب معروفين غير أنهم عاشوا في فترة متأخرة عن الأحداث
المروية.مثلا ابن الأثير "الكامل في التاريخ" ويعتبر مهم جدا لكنه عاش
في فترة لم تكن معاصرة للأحداث التي يرويها وغيه ابن الإذاري المراكشي و ابن خلدون
كلهم وغيرهم كانوا يعيشون في فترة متأخرة.
وبعدها دخل إلى
الآثار والمواقع والخريطة الجغرافية لما كانت عليه البلدان ايامها وعرض لمخططات
المدينة وأثر العربية على أسماء العائلات التي لا تزال موجودة حتى الآن كما لبعض
الأماكن المسماة بأسماء عربية إسلامية وقدم البراهين عبر الصور لمواقع وأبنية تظهر
بوضوح الأثر الإسلامي العربي على اسلوب عمارتها وتحدث عن خارطة "الإدريسي"
عن البحر المتوسط التي تعتبر حتى ألآن شبه تامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق