الأحد، مارس 08، 2015

"أسامة رحباني"فـــــي البــلمــند يقدم "هبة طوجي"بكامل صوتها


"أسامة رحباني"فـــــي البــلمــند
يقدم "هبة طوجي"بكامل صوتها




أتى تقديم المؤلف الموسيقي " أسامة رحباني " لصاحبة الصوت الفريد " هبة طوجي "، في أمسيتها على مسرح زاخم ـ جامعة البلمند الحرم الجامعي في الكورة،مصادفا غداة مشاركتها في البرنامج العالمي المعروف "ذو فويس " بطبعته الفرنسية والذي لم يخفي "الرحباني"خوضه التحدي لمصلحة "طوجي"في مهمة يحتاج فيها إلى دعم الجمهور المعنوي لتحقيق الحضور العالمي المرتجى.لعل المناسبة،إياها، ربما، ساهمت بتحويل أعداد الحضور إلى أرقام خرافية تجاوزت به قدرات المسرح بأضعاف تفوق قدرته على استقباله جمهورا يجلس على كل كراسيه. فامتلأت الممرات وغصت بالجالسين أرضا والمستندين إلى الجدار والمالئين ردهة الاستقبال ،خارج القاعة،التي نصبت فيها شاشة كبيرة نقلت لمن لم يستطيعوا الدخول وقائع "كونسيرت"هو الرابع لطوجي في الشمال بحسب ما أعلنته معتذرة وواعدة بأنه سيكون لها بدون شك لقاءات قريبة مع الجمهور كما تمنى "أسامة"أن يكون اللقاء الثاني مع جمهور البلمند في الملعب في حفل خارجي لراحة الجميع.  




دفيء اللقاء أنسى الجميع "كلّ هذا الحشر" حين جلس "اسامة رحباني" الى البيانو وبدأ بالعزف مقطوعة،من مؤلفاته، "سولو"سعى خلالها إلى إمساك زمام الحضور واختار نهاية المقطوعة ليستقبل الفرقة الموسيقية التي تألفت من "عبود السعدي"على غيتار الباص،"مارك أبو نعوم"كي بورد،"رافي مانداليان"غيتار،"طراد طراد"عازفا على الكلارينيت،"فؤاد عفرا"درامز،"ابراهيم جابر"إيقاعات مختلفة وهذا إضافة إلى جوق من المغنين المساعدين تألفت من جيسي جليلاتي،أندريه ديب ،جوزيف عبس و مهنا جحا طبعا هذا ألفريق يضاف إلى أسامة الذي تولى العزف على البيانو.
عند توزّع الجميع كل في مكانه وبعد تقديم قصير لأغنية "لازم غير النظام"،التي منعتها السلطات اللبنانية في حينه وحصلت على جوائز عالمية،دخلت "هبة طوجي" وكان لها المسرح ملعبا بحضورها الآسر ولامتلاكها تلوين حركتها،من غنائها وما تقدمه الموسيقى،باعتماد البساطة فهي تجلس على "التابوريه" بدون تكلّف ومبتعدة عن الاستعراضية المبتذلة إلى اجتيازها  خشبة المسرح من أقصى يمينه إلى جانب البيانو وصولا في مرحلة متقدمة من "الكونسيرت"إلى مشاركتها الجمهور الغناء،متقربة منه ومقتربة على حافة الخشبة بعفوية،وهو على كل حال كان بمعظمه من الشباب المعني بما تغني، و المتحمّس الى درجة ترداد الكلمات فما تقوله وما تعيده "غناء"يمس بهم ذاكرتهم المتابعة والمعنية.




بدون شك ما تقدمه غناء "هبة طوجي"هو صلب مشروع أسامة رحباني الموسيقي باعتباره لا يخفي سمته الموسيقية العالمية بكل المقاييس،وإن اتخذ من المحكية اللبنانية لغة،فهو يجول على انواع من النصوص التي ليست كلها على نفس النمط والشاعرية،لو فرضنا ان من شروط الأغنية الحديثة احتفاءها بنصوص من الشعر،الصافي،لأنه دائما يمكننا ملاحظة الشاعر من النظّام،فتنفرد نصوص "منصور رحباني" بصورها  وصياغتها المسبوكة،على حدا،هي التي قدمت ثلاث أغنيات"إلي وإلك السما"مع "ياحبيبي"التي تستأهل وقفة لاحقة وآخرها الأغنية التي أعد لها الكلمات عن لحن للموسيقي "ميشال لوغران"المأخوذة من فيلم سينمائي وفي الحالات الثلاثة تظهر بمضامين تختلف مع غيرها خاصة عندما نعرف أن بعضا من الأغنيات كانت تؤلف جزء من مسرحية مما يحمّلها توافقها مع المشهد او الحالة المعروضة وتتممها.هذا ما يطرح قدرة مضمون الأغنية على الحياة خارج إطارها الدرامي.




ربما يقدم البرنامج بحد ذاته المجال للدخول في التوسع بالتعرّف على هذه الاختيارات ففي كلمات "إلي وإلك"يجنح بصوره فيقول:"مطرح ما عم تدعس/في حقل زهور جاي/(...) ياترى ما بتسأل حالك/وبتموت الفراشي/جندي من بيتو أخدتو/تا يوقع هوي وماشي/..انا بايع ملك الأرض /كرامة طفل زغير/إلي وإلك السما إلي وإلك الفضا/."ولو رغبنا في الاستمرار في نفس المنحى لوصلنا إلى الأغنية الوحيدة،بالعربية الفصحى،التي تقول :"يا حبيبي /كل ما في الصمت نادى/ ومضى الموج وعاد/..وأنا والليل انا والقرصان/والمحبون على أرصفة البحر/بحار من سكينة/تركوا الشراع يبكي /تركوا الارض الحزينة/والمصابيح الحزينة/."والتي تميّز لحنها بقربه من الموشح الأندلسي الموقع مع يحيله إلى النغم والمقام الشرقي وإبرازه لدفئ في خامة صوت "طوجي"يوسع من مطارحه إلى قرار نادرا ما وصلته بهذه الرومانسية اللافتة.




لو رغبنا في متابعة مقارنة مضامين الأغنيات وصياغاتها،واضعين "حلوة يا بلدي المكتوبة ل"داليدا" بنفس رغبتها الغناء عن بلدها مصر الذي نشأت فيه،لبقيت كلها من كلمات "غدي رحباني"التي تمتاز صياغته بنوع جديد من الكتابة الغنائية تقترب من النثر وما يعرف بالراب الذي يسيل مهتما بالمتابعة للدفق بدون الحرص على الصور والقافية أو الإيقاع الموحد للمقاطع باعتبار أن الجمل الموسيقية قادرة على تغليف الاختلاف والتمايز عن ما سبق وتناولناه غير أن من مواضيعه اللافتة ،بجديدها علينا، في الأغنية الشابة ما تحدثت عنه "لما بيفضى المسرح" التي تقول كلماتها:"لما بيفضى المسرح من الناس/ وحدا المكنسة والكناس/ بيلموا صدى الضحكات/ رقص وزقيف الحفلات/ بالزوايا يكنّسو الغنيات/شو نفع المدن / إذا فضيت من كلّ الناس/ اللي فيها/ شو نفع الحزن/ إذا بعينينا ما في/دمعه نبكيها/.."هذا ما يجعل أن لكل منطقه في أسلوب الكتابة روحه ومقاصده ودخوله في المعاصرة.



              تبقى الإشارة إلى التفاعل الراقي الذي قدمته"هبة" في أغنية "معقول"متخطية الرقص إلى ما يجسد حالة متوحدة مندمجة بالموسيقى أسكنت الخشبة صورا مدروسة كانت بوادرها قد ظهرت في "التنغو الأرجنتيني.." كما ان "أسامة" تلقف فرصة عزفه لموسيقى من تأليف "كوريا"ليقدم متفاعلة من التصفيق والغناء ب "لا..ل لالا.."مقسمة وموقعة بمختلف الطبقات والسرعات بشراكة جميلة مع الحضور.أمسية حملت للجمهور المتابع المناسبة للتعبير والتفاعل والاندماج ولمن أتى ليتعارف حصل على سهرة مليئة حيوية وحداثة وفرح أصبح الكلّ يفتش عنه ولا يلقاه بسهولة.

    



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق