نديم فتفت و
"بصماته"
رحلة إلى لغة
الجمال
معرض الفنان
التشكيلي نديم فتفت "بصمات إبداعية" الذي أقيم في قاعة المعارض للرابطة
الثقافية وبدعوة مشتركة منها ومن المنتدى الثقافي في الضنية مثّل حلقة من ضمن
مسيرة عامرة وناشطة ثقافيا واجتماعيا للتشكيلي التي جابت معارضه البلدان والأماكن
متنقلة بين باريس،سويسرا،بلجيكا،الكويت،الأردن،الإمارات المتحدة إضافة إلى المعارض
الكثيرة المشتركة التي أقيمت في لبنان وفي بلدان كثيرة حول العالم.
حين تزور
المعرض،ولو خلسة،في القاعة العريقة،والتي تمثل لك ولكثيرين ذاكرة ثقافية،تلاحظ التحديثات
التي أدخلت عليها،لكنك هنا لشأن آخر!تحاول الدخول تلمسا واستكشافا لمسار تجربة
نديم فتفت وما آلة إليه.التحولات هنا،المزاج الذي يقودها هنا،تعرف ببساطة أن ما يهجس
به الفنان التشكيلي ذاهب نحو تأصيل التجربة وأخذها نحو تأكيد البصمة.
يلعب بألوانه
ويحاكي التقنيات المتوافرة يساعده تمازج ألوانه الشفافة ومساحات الرسم بالأبيض
بموازاة الاستعانة بالمواد المختلفة.يلعب،وما قصدنا بالمواد المختلفة،نومه على
تفصيل،أو وجه،هو وجه امرأة في الغالب،لأنه حينا يستعين بالخيل،وعلى مادتها يبني
،قصيدة،لوحته وهو يبني عليها كمن ينشىء مساحاته اللونية وضربات ريشته،بسحر
الشفافية وانسكاب الموضوع.مرة تراه يقاربه بانسيابية ومرات بلطخات عريضة نزقة
وخاطفة.من عناوين لوحاته تعرفونه،أو لنقل أنه يكشف لك عن "لوحته" نقطة
بعد نقطة لتكتشفه أي لتكتشفها فتكاشفك أسرارها!
أو لنقل انك تدخل
الى مساحاته المستضيفة للأفكار وأشكالها،فكل مراده الإصرار على تسمية لوحته ليقدم
لك السهم مؤشرا لما خفى فتسجّل :أسرار الحياة،ذكريات عابرة،تواصل البقاء،أماكن
بالبال،المستحمة،ذكريات القرية،صقيع الحب،تزاوج الطبيعة،موسيقى البحار،إغواء،عناق
فكري،هياج البحار،الغزال،حلم وتأمّل،ومرة ثانية المستحمة !فمن المستحمة تنطلق
خطوطه لتغزل من تجاورها الجسد وحضوره الآسر،العري هنا لا يدخل في احتمالية
الابتذال،الذاهب إلى جمال يعرفه التشكيليون وحدهم،ويبقون دائما على توق للتعامل مع
الجسد الأنثوي،وحدهم يخرجونه من السري إلى بهاء العلن بدون أن يلصقون به السوقية
،في الغالب،لا بل أنهم يعاينون منه وعبره انسجام الألوان وانصهار التأليف
وابتكاراتهم،كما يحلو لنديم أن يدع الخطوط تروح فتلامس الأطراف وكأنه يرسم ظلالها
لا جسدا بكامل كثافته وكتله،متلاعبا أيضا وأيضا بالمدارس من الرسم الطبيعي
الكلاسيكي ومن ثم التفافه على الانطباعي ومدارس أخرى باحثا ومستنفدا الرسالة.
عندما يعمل بهذه
الكثافة والإحاطة،المثابرة والمداومة،لابد أن تلاحظ أن اللغة متقاربة وتتشابه
بمفرداتها مما يريح المشاهد عندما لا يواجه بتشتت وضياع.يصلك عمل نديم فتفت بسهله
الممتنع ويبعدك عن التناول المركّب بمعناه الثرثار وكأنه يقدم لك دعوة دائمة
للاستمتاع بالجماليات لأكثر من سبب وسبب.
ج.ر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق