الجمعة، ديسمبر 12، 2014

مؤتمر الانتفاضات ـ جامعة البلمند 2

من كلية الآداب في جامعة البلمند مؤتمر دولـي
العلوم السياسية تسأل الانتفاضات عن المواطنة  ـ  2



عبر حضورنا لبعض جلسات مؤتمر "أثر الانتفاضات العربية على المواطنة في العالم العربي" التي أقامتها جامعة البلمند نتابع مجريات المحاور المتبقية بحيث نصل الجلسة الرابعة التي حمل عنوانها المواطنة، المساحات العامة،الديمقراطية والحقوق والتي إدارتها د.هالة نجّار بحيث قدمت الموضوع العام وعرّفت بالمداخلات فكان أولها ما قدمه عبدالله ناصر الدين من قراءة في التوزّع السكاني و نوعيته وآثاره على المشاركين في الانتفاضات ومما قاله :"من خلال اهتماماتي السابقة حول الإسكان في لبنان حاولت أن اجمع بين موضوع المؤتمر وأهميته وبين الفرضية التي تقول انه يجب أن يكون لك منازل جيدة لتبني المواطن الجيد وبكلام آخر لا يمكننا توقع مواطنين صالحين إن لم يكن لدينا إسكان صالح؟عند تركيزي على سوريا و مصر ،فيما كتب عن الانتفاضات، خرجت بمحصلة تنفي حصول الحرب الطائفية إنما تؤكد على مشاكل الفقر وفقدان العدالة الاجتماعية.
أما ما يتعلق بالسكن فلاحظت وجود أمرين متصلين،عامودي وأفقي، بحيث تظهر حالة غياب العدالة من ناحية الطبقات ومشاكلها الاجتماعية ،وما أضفته، والمتعلق ببعد ثاني حيث أفقية الظواهر المتعلقة بأماكن تواجد الناس حيث يجتمّعون في مناطق عشوائية محددة.هذا التجاورالمتقاطع بين ألعامودي والأفقي في كل المناطق المشابهة يخلق المنصة النموذجية للأزمات الاجتماعية.عدم وجود المساواة أدى إلى ما يجري في سوريا،بحسب اعتقادي،وبالنتيجة ليس صراعا طائفيا.لأن ما جرى في بداية الأحداث كان مواجهة في مناطق الضواحي بعيدا عن مناطق مدينية".وشرح ذلك بالاستناد إلى إحصاءات تحدد انتماء السكان وتجمعاتهم في الأرياف والمدن الكبرى وتابع:"كما أن الصراع الاجتماعي يخلق لنا إشكالية أخرى عندما نعرف ان الطبقات الشعبية الفقيرة لطالما دعمت نظام الرئيس حافظ الأسد منذ استلامه السلطة بداية السبعينات.وقد أعطيت خلالها الطبقات العمالية والفلاحية امتيازات وتعرضت هذه الامتيازات إلى الاهتزاز بقدوم الرئيس بشّار الأسد إلى السلطة،هنا نقطة التحوّل ،التي واجهتها سوريا،بخلاف اعتقاد الجميع في أن سوريا كانت خارج الاحتمال باهتزاز استقرارها،وقد حصل التحول واقعا بين 2000 و 2010 حين اتبعت سياسات ليبرالية مدعومة بإصلاحات اقتصادية بما أدى إلى ظهور طبقة جديدة من النخب.وبالاستناد إلى البنك الدولي في تقرير نشر سنة 2010 امتلكت سوريا أعلى نسبة من "الترييف"بعد مصر واليمن.بما يعني إعادة للتموضع السكاني". 



بعدها قرأت د.لور سالم مداخلة زين الدين خرشي حول "تأملات في خطاب الأحزاب الإسلامية وممارساتها حول المواطنة" ومما جاء فيها:"..لقد حولت المواطنة الفرد من مقولة دينية إلى مقولة سياسية الأمر الذي ساهم في تهيئة المجال للديمقراطية لتكون نظاما تواصليا مفتوحا على الأطر الإنسانية.يرتبط البحث في موضوع المواطنة في البحث في مجمل الحقوق في الواقع الاجتماعي وفي مقدمتها الفكر السياسي لما له من ارتباط عضوي بمفهوم المواطنة الذي تأسس تاريخيا داخل سياقاته.(..)تهدف ورقتنا الى البحث في تصورات الاحزاب السياسية للمواطنة.من دون القفز على حقيقة انه على الرغم من اجتماع الاحزاب الإسلامية على تبني مرجعية سياسية واحدة هي الإسلام السياسي.إلا أن هذا لم يمنع من وجود تفاوت في طبيعة فهمها للراهن وتباين في شكل و مضمون خطاباتها و ممارساتها السياسية.يتراوح بين مرونة سياسية وفكرية في حالة حزب العدالة والتنمية ـ المغرب وحركة مجتمع السلم ـ الجزائر وحركة النهضة ـ تونس ونزعة إنمائية إيديولوجية لدى حزب الحرية والعدالة ـ مصر ونصّية دينية مع توجه واضح ونفي للمختلف السياسي والفقهي في حال الجماعات السلفية. تنبني ورقتنا البحثية على فرضية رئيسية مفادها ان تصور وخطاب الأحزاب الإسلامية حول السياسة عموما ،والمواطنة بصفة أخص، يغيب عنه اعتبار المواطنة ،و قضية المواطنة،أولوية فكرية سياسية واجتماعية.وكذا موضوعة فكرة المواطنية وسبل تغطيتها على هامش المقترحات والمشاريع السياسية والمجتمعية لهذه الأحزاب.في المقابل تتمتع إشكاليات السلطة ونظام الحكم بحضور قوي واهتمام فقهي وفكري كبيرين الى حد اعتماد وإعداد سياسات تقنية.من نوع نظام الحكم،السبيل للوصول إلى السلطة،وآليات السلطة و ممارساتها دونما اعتبار للجوهر السوسيولوجي لها،دينمية العقد الاجتماعي وعلاقة الدولة بالمجتمع.بهذا المعنى فان فكرة المواطنة لدى الأحزاب الإسلامية واقعة تحت ضغط وإلحاح مطلب السلطة وغدا الهاجس الوجودي التي لازمها منذ نشأتها".



المداخلة الأخيرة في الجلسة الرابعة من جوسيبي تاسوني ،وهو أستاذ من جامعة البلمند،حملت عنوان لافت وهو :"لم تنتهي بعد:الثورات العربية بين الديمقراطية والسياسة الاقتصادية" ومما قاله :"اتناول مظهر الديمقراطية في السياسة واترك جانبا باقي الوارد في العنوان.بحسب بيانه يعتبر ماركس انه تاريخيا على البرجوازية أن تلعب دورا ثوريا في إنهاء النظام الإقطاعي ،الهرم من ناحية الاقتصاد،وعليها أن تلعب دورا اجتماعيا كطبقة وسطى ناشطة تبتعد عن الفساد السياسي. يقول ،احد مستشاري براك أوباما،في تصريح له أن السياسيين في الشرق الأوسط الذين يستلهمون لغة سياسية جديدة عنهم:"إنهم الناس الذين يحتفون بكثير من الاحتمالات والفرص".أما من جهة أخرى للطيف السياسي فيعتبر آخرون أن الربيع العربي هو مدرسة ومختبر للحرية والديمقراطية.
انه تم تنظيم أفقي للعلاقات التي أدارة الحراك الشعبي حيث أن المطلوب ،بعيدا عن الحرية والديمقراطية، المعبّر عنها بيد، حلولا للاقتصاد الحاضر باليد الأخرى! لا يمكن الاعتماد على نفس الوسائل للوصول في الحالتين.بالنسبة للاقتصاديين فالاقتصاد الليبرالي يوازي الديمقراطية،الليبرالية الديمقراطية،والسوق الحرة التي تبدو على علاقة وصلة ،من جديد،بشروط الربيع(..)احد المحللين الإعلاميين ،روبرت فيسك،أقام مقارنة بين ما جرى في بيروت آذار 2005 وما حدث في تونس و مصر،خاصة بما هو مطالبة بانسحاب القوات العسكرية السورية من لبنان.وباعتبار ذلك ،التحليل، يحمل بعضا من منطق برنار هنري ليفي أيضا لكونه يصف حدثين عربيين مختلفين يصبوان إلى تحقيق الديمقراطية".   
الجلسة السادسة من اليوم الثالث والأخير تناولت المواطنة والتغيير السياسي تحت تأثير الانتفاضات وأدارها رامز معلوف وكان أول المتحدثين الباحث "ستيفان فالتير" الذي تناول من بين قضايا الأقليات:"طائفة المرشدية السورية :أي مواطنة لأقلية عانت من التهميش الديني والسياسي؟" وقد باشر كلامه :"من الصعب الخوض في شأن المواطنة وسوريا هي الآن في حالة حرب .لقد انطلقت من واقع محدد،أردت التركيزعلى حالة محددة،متناولا المرشدية. أولا من ناحية التاريخ. ثانيا كطائفة وحالة اجتماعية ومعتقد وذلك في إطار من الغالبية السنية ،فيما يعني ذلك الاجتماع المحافظ و ردود فعله في بعض الأحيان،وثالثا أحاول التفكير بالبعد السياسي لهذه المجموعة وعلاقاتها الحقيقية والمفترضة في سوريا ومحيطها.



عن المرشدية يمكن القول أنها من أصول علوية.ويحدد تأسيسها بما يقارب قرن مضى.وهي منتشرة على كلّ الأراضي السورية بأماكن مختلفة،وبشكل أساسي،في منطقة "حمص" و"حماه".غالبية المعلومات التي أتحدث عنها ،وهي واردة بالدراسة،هي وليدة مقابلات مع أشخاص ينتمون إلى هذه الطائفة،وفي جزء كبير منها،من أناس يسكنون "البيطارية"على مقربة من دمشق.بالإجمال هي جماعة تشتهر برفضها للعنف،إلا فيما يخصّ الدفاع عن أمور مقدسة،كما يجتنبون الخطاب السياسي الحزبي.وهم بشكل عام كانوا يظهرون وفاء واضحا لنظام الرئيس حافظ الأسد ولنظام وريثه "بشّار"حاليا.
وبالعودة إلى بدايات تأسيس هذه الطائفة فبشكل سريع نعرف أن "سليمان مرشد" المؤسس ولد سنة 1907 و أعدم شنقا سنة 1946.وكان يحمل رسالة أخلاقية إصلاحية من ضمن إطار الإسلام.من شبابه الأول أعلن نبوته،مع وجود بعض التناقضات في ذلك،حيث انه أعلن عن قدوم المسيح في آن وكان ذلك حوالي سنة  1923 .حيث تم إحصاء 80 ألف يتبعونه الأمر الذي اعتبر انه مكون لمجموعة مهمة.وخلافا لنشاطه حول الدعاية الدينية تكرّس لإطلاق الحملات ضد الإقطاع وضد الانتداب الفرنسي في سوريا.مجدد ديني ومناضل لاستقلال بلاده ومن بين مطالبه كان مسعاه لإرجاع الأراضي المسروقة من قبل الإقطاعيين إلى أصحابها الفلاحين الفقراء.لذلك كانت تحصل بينه وبين الطبقات الغنية الكثير من التجاذبات.في مرحلة من المراحل كان توصل لعدم اعتبار نفسه "علويا"،لعدة أسباب ،منها سببين أساسيين،أولها يتعلق بإعادة توزيع السلطة لان كبريات العائلات تتحكم بالغالبية وهذا ما لم يكن ليعجبه والثاني لأسباب إيمانية عقائدية. معارضته لوجود الانتداب يظهر مثلا بإطلاق بيان لتأسيس قوات مسلحة وطنية لطرد الفرنسيين.مثال آخر خلال تكوين الدولة العلوية المؤسسة من قبل الفرنسيين بين 1920 و 1936 أظهر معارضة عنيفة ، باعتباره نائب في البرلمان،بمواجهة هذه المحاولة لتفتيت الأمة السورية".
الورقة التالية كانت حول "المواطنة كموضوع ووسيلة حراك الانتخابات لأقباط المقطّم" قدمها باحثان هما على التوالي كليمان ستويه وغايتان دو روا اللذان تقاسما العرض فتحدث أولا "ستويه"ومما قاله:"الحديث عن الانتخابات وعن الأحزاب السياسية في الحي القبطي،الانتخابات النيابية لسنة 2011 ،غداة الثورة.هذا الحي بأكثريته القبطية تتخذ المواطنة فيه أكثر من معنى لأنه ،بنفس الوقت، نتحدث عن الانتخابات الحرة الأولى كما نتحدث عن الاندماج لأقلية تنتمي لديانة كانت مهمشة اجتماعيا.المواطنة هنا تأخذ عنوان المشاركة بالانتخاب كما تعتبر أيضا وسيلة لتحقيق عدالة ومساواة لكل المواطنين.هذين الملمحين نراهما أيضا بشكل غير واضح المعالم في حالة السلفيين المصريين الذين تحركوا هم أيضا بمنطق المواطنة و المشاركة ولكن بمشروع سياسي يعارض بنظرته للمواطنة والمساواة.وهذا بما أن الأحزاب السلفية تجاهر بتطبيق الشريعة التي لا تعطي نفس الحقوق للرجال وللنساء،المسلمين وغير المسلمين،أهل الكتاب أو معتنقين لديانات أخرى.
المسيحيون في مصر،بكونهم أقلية، وكما كلّ أقلية،لديهم المنحى الداعم لدولة مدنية حيث لا ينظر لدين المواطنين.بما أدى إلى أن الناخبين في حيّ "منشية ناصر" اختاروا دعم حزب المصري الحرّ الذي أسس،مباشرة بعد الثورة،فقد دعموا هذا الحزب المواجه للإسلاميين والذي كان يحمل هدف المشاركة،في من سيكون النواب المنتخبين،وباعتبارهم هم من سيختارون المجلس الدستوري الذي سيقوم بكتابة "الدستور الجديد"الذي بموجبه سيكون الحكم.ومحرك رغبتهم هو تقليص أثر الشريعة وتكريس حضور المواطن.
بعملنا على أرض الواقع كنا نهدف إلى متابعة كل هذه العناوين".
عند هذا الحد استلم "دو روا" الكلام وتابع سياق الورقة ومما قاله :"المصاعب المتحققة في الحالة المصرية للانتخابات هو الربط خلالها بين المستوى المحلي والمستوى الوطني كمثال عن العدالة التي تناولها،زميلي، والتي حركت حزب المصريين الأحرار في هذا الحيّ.هذا الحزب أسسه رجل الأعمال الثري "نجيب ساويروس" ويعتبر حزبا ليبراليا من الناحية السياسية والاقتصادية ولكنه ليس حزبا قبطيا بالكامل لأنه ، بغالبية كوادره،من المسلمين.إنما لا يمكن الإنكار أن هذا التجمع السياسي،كما غيره،ممن تحالف معهم قد حصل على دعم المؤسسات الكبرى كما الناخبين المسيحيين.فبسهولة وسرعة تأمّن التموضع المحلي "للمصريين الأحرار" بالتشاور مع الأب "سمعان"في المقطم، وهو المعروف في الحي،بما انه أقام مركزا كبيرا للكنيسة ويقدم خدماته كما يمارس حضوره "الكاريزماتي" بين المؤمنين. هذا الراعي لطالما لعب دورا وسيطا بين محيطه و"الحزب الوطني" ـ حزب مبارك.أما التشكيل السياسي الحديث ،فتمنى وتجنب الوقوع، رغم أهمية الأب سمعان،تحت عباءة "الابونا" فتحالف مع مجموعة شابة من المقطّم الذين تجمعوا للمناداة بالحاجات المدنية للحيّ.هنا يجب التنويه ببعض التجمعات المستقلة المكونة للحضور الاجتماعي المصري. حيث انه سعى،على مستوى الحيّ،مع هؤلاء الشباب الى نشر سياسة التمايز عن الروابط العائلية كما الزبائنية وحيث انه لطالما كانت هذه الروابط متصلة بالواقع.كما انه يوجد في الحي العديد من المؤسسات و"الجمعيات الغير حكومية"التي يتهمها هؤلاء الشباب بالفساد أو بالعمل لمصلحة هذا الفريق أو ذاك".



تلتهما الباحثة في علم النفس من الجامعة الأميركية في بيروت ريم صعب فتحدثت عن "الأزمة السورية في لبنان:اختلاف التوقعات حول توزّع اللاجئين السوريين وأثرها على التماسك الاجتماعي".تناولت الدراسة الحقلية بنتائجها الإشكالية المطروحة في العنوان من خلال المقابلات مع اللاجئين السوريين المنتشرين في اكثر المناطق اللبنانية فقرا في البقاع وعكار،حيث غالبية تموضعهم ،مع كلّ الصعوبات الاقتصادية، وفرص عمل محدودة.هذا المحيط من الفقر أنتج أزمات بين الطرفين.مع عدم قدرة من السلطات الاستجابة للحاجات فكيف بالإجابة عن أسئلة المواطنة ومن هو المواطن وحقوق اللاجئين؟والوضع كل ألأمور فيه غير  واضحة على كل الاصعدة.وعن سوآل متى ستنتهي الازمة؟،وبالتالي متى سيعود السوريون إلى ديارهم في سوريا؟ حيث أن كلّ الملاحظات تؤكد على وجود حالة من التشكيك بالقريب المنظور كما من عدم الاستقرار من قبل الطرفين".وتحدث في آخر الجلسة عن المنحى التجديدي في الشرعية السياسية في الاردن د. طارق التل ملخصا دراسة مجموعة من الباحثين العاملين على هذا الموضوع.أما الجلسة السابعة والأخيرة فتركزت حول الأطفال والشباب في الانتفاضات. قدمت فيها ورقة من قبل زينة عثمان الباحثة في العلوم الاجتماعية في الجامعة الاميركية ـ بيروت.كما كانت من المرصد لحقوق الإنسان ـ فلسطين دراسة ميدانية عن الشباب الفلسطيني والحراك قرأتها هيفا جمال وقد عنونت "سريعا من الربيع إلى الخريف"وهي من إعداد فراس جابر ،اياد رياحي،إلين كتاب.وبعدها ختم منسق المؤتمر د.سامي عفيش أعمال المؤتمر شاكرا كل المشاركين والمساعدين على التحضير له واعدا انه سيتم العمل على نشر دراساته بأفضل الشروط الأكاديمية بعد استكمال الشؤون التقنية الضرورية المرافقة. 


  
                                                                         متابعة جان رطل          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق