الاثنين، ديسمبر 08، 2014

مؤتمر الإنتفاضات ـ البلمند 1

من كلية الآداب في جامعة البلمند مؤتمر دولـي
العلوم السياسية تسأل الانتفاضات عن المواطنة   1



بدعوة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية ومن قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية فيها أقيمت في جامعة البلمند فعاليات مؤتمر "أثر الانتفاضات العربية على المواطنة في العالم العربي" والتي امتدت على ثلاثة ايام من 12 الى 14 تشرين الثاني الجاري.
حضره، للمشاركة في ندواته باحثين ومحاضرين، من جامعات ومراكز أبحاث دولية، إلى جانب الجامعات اللبنانية، من دول هي ألمانيا، أميركا، المغرب، مصر، فلسطين،سويسرا،تونس،الجزائر،الكويت،فرنسا،بلجيكا،اليمن والنرويج وانقسمت أعماله لسبعة محاور في جلسات إضافة إلى نشاطات فنية مرافقة.
بداية تحدث منسق المؤتمر الدكتور سامي عفيش في الافتتاح عن : "الأنظمة السياسية التي تولي الأهمية للواجبات على حساب الحقوق في العلاقة بين المواطنين والدولة، متطرقا إلى عملية التغيير التي تعصف بالعالم العربي منذ بعض الوقت، في محاولا تحديد العلاقة بين الانتفاضات - التي طالبت بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية - والمواطنة في العالم العربي من خلال دراسة الجوانب المتعددة الأبعاد للمواطنة".



تلاه عميد الكلية الدكتور جورج دورليان متحدثا عن "الانتفاضات والمواطنة" ومما قاله "..إشكالية المؤتمر تصيب لب المأساة التي تعيشها اليوم شعوب المنطقة: مأساة انتفاضة لم تبلغ غايتها، ولم تشكّل نقلة نوعية فعلية في حياة الناس، ولم يلقَ فيها المواطن اعترافًا بوجوده أو تحقيقًا لحقوقه. وفي غالب الأحيان ذهبت الانتفاضة في الكثير من البلدان عكس اتجاه الشعارات التي رفعت(...)يحيلنا هذا الواقع إلى التفكير مليًا بمستقبل المنطقة ودولها ومجتمعاتها.إن مجتمعاتنا لا تزال مكوّنة من "جماعات"، والجماعات هي الصفة المخفّفة التي نطلقها على المجموعات البشرية التي تعود بناها إلى "القبائل".فالمشكلة عندنا لا تقتصر فقط على غياب "المواطنة" بل تشمل أيضًا غياب الوطن وانعدام مفهوم الدولة. وفي أساس أي الدولة وطن ذو حدود واضحة ومواطن فرد قد تبني هذه الجماعات (الدينية أو الطائفية أو المذهبية أو الإثنية) إمبراطوريات، إلاّ أنها لا تبني دولاً ولا أوطان ولا مواطنين(...) فالدول الحالية ليست بدول، والمجتمعات العربية ليست بمجتمعات بل بمجموعة قبائل وعشائر متخاصمة ومتقاتلة. فلا دولة من دون مواطنين أحرار، ولا مواطنة من دون فرد حرّ. إن أشباه الدول التي اختبرناها في المنطقة لا تتعامل مع مواطنين بل مع رعايا. وهؤلاء الرعايا يفدون "بروحهم وبدمهم" زعيم القبيلة التي ينتمون إليها، والزعيم أبدي سرمدي مثل الله".



تحدث بعده د. جيلبير أشقر مقدما في محاضرته الافتتاحية مقاربة اقتصادية للأوضاع التي سبقت حصول الاحتجاجات موصفا النماذج التي سادت قبيل التحول السياسي ومما قاله :"..والنموذج الآخر الذي كان مسقطا على الأحداث العربية هو نموذج،ما درس في العلوم السياسية،تحت عنوان الانتقال الديموقراطي والخاص بمجتمعات اقرب الى مجتمعاتنا يسود فيها اقتصاد السوق، الواقع أن معظم التجارب التي تم دراستها تحت هذا العنوان،هي تجارب جاء فيها هذا الانتقال الديموقراطي استكمالا للتنمية الاقتصادية.
أميركا اللاتينية هي المثال البارز في هذا المجال والانتقال الديموقراطي هو استكمال لعقدين من التنمية الاقتصادية المميزة لتلك القارة.ترافقت حالات الاستكمال هذه ظهور قوى اجتماعية تحمل برنامج،أو لها مصلحة في هذا الانتقال الديموقراطي،وهي على طرفي المجتمع الصناعي وقطبيه،وبعض الحالات البارزة منها حالت البرازيل الملفته والمهمة،وخارج أميركا اللاتينية أيضا كوريا الجنوبية،حيث نجد في كلا البلدين قطبي المجتمع الصناعي في عملية الانتقال هذه،القطب الرأسمالي وقطب الحركة العمالية، والبلدان شهدا حركة عمالية عظيمة الشأن.
أو نجد أيضا حالات تلاقي بين القطب الرأسمالي مع شرائح الطبقة الوسطى على طراز ما حصل في تركيا. أما الانفجار الثوري في المنطقة العربية فهو يختلف اختلافا جذريا عن كل الحالات التي ذكرتها في انه ليس انتقالا ديموقراطيا يأتي استكمالا وتسهيلا لتنمية اقتصادية بل هو في الحقيقة انفجار اجتماعي سياسي ناتج عن إعاقة مديدة طويلة الأمد للتنمية الاقتصادية وهذه العلاقة يمكن أن نراها لو القينا بالبدء نظرة على المعطيات الاقتصادية نجد أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،بما يعني جغرافيا أساسية من الدول العربية، وعندما تضاف إيران لا تغير فعلا بالصورة،تجدون هنا كيف أن حالة المنطقة هي ألأسوأ عالميا وبالأخص بالمقارنة هنا بالمناطق الأخرى من آسيا وأفريقيا أي القارتين ننتمي إليهما.تجدون من هذه الأرقام أنها تدل على مشكلة ،والمشكلة حقيقية،والظن بأن هذا الموضوع يعود إلى ارتفاع التكاثر السكاني ،أو معدّل التكاثر السكاني في منطقتنا،كان صحيحا للعقدين الأولين وهو ما يفسر أو يساهم في تفسير أن المعدل السنوي للنمو الاقتصادي في منطقتنا تحت الصفر وهذا ما يعود لمعدلات ديموغرافية مرتفعة لكن في العقدين التاليين عادت تدريجيا ألأمور على الصعيد السكاني في المنطقة إلى ما يشبه معدل البلدان النامية وبالأخص في آسيا وأفريقيا  مما يجعل من المقارنة مشروعة.ونجد أن المنطقة العربية تشهد معدلات نمو هي نصف المعدلات التي يشهدها المعدل العام للدول النامية.
ما ذكرته عن الوضع السكاني يشير أيضا إلى أن احد التفسيرات الشائعة للانتفاضة العربية الكبرى في ال      2011  بأنها ناتجة عن نسبة عالية من الشباب في المنطقة العربية هو أيضا تفسير خاطئ لأنه تخطاه الزمن بمعنى ان نسبة الشباب لم تعد،في المنطقة العربية،أعلى بشكل هام مما هي في مناطق أخرى من آسية و أفريقيا كما هي واضحة من الإحصاءات عشية الانتفاضة 2010 لأن نسبة الذين تتراوح أعمارهم بين ال15 و سن ال 30 من أعمارهم هي مساوية لما هو في جنوب أفريقيا أو حتى في جنوب شرق آسيا.
المشكلة أو المسألة والخاصية تتعلق لدينا ليس بنسبة الشباب إنما في الحقيقة بنسبة الشباب العاطلين عن العمل والباحثين عنه،نسبة البطالة الشبابية، ومنذ عقود عديدة توجد لدينا أعلى النسب العالمية في منطقتنا.وقد كانت لدينا أرقام قياسية في هذا الإطار.وقد كانت لدينا الأرقام القياسية في البطالة وداخلها في البطالة،وبالأخص،بطالة الشباب ذكورا وإناثا مع نسبة عالية جدا،رقم قياسي آخر عالمي،لدينا بطالة نسائية.وهذا بالتالي ما يشير إلى لب المشكلة الأساسي بأنها مشكلة اقتصادية اجتماعية."وتحدث عن النسب العالية عند الخريجين من الجامعات.
 وقد عمل خلال محاضرته على إقامة المقارنات بين روائز وإحصاءات حول نسب العلاقات بين الدخل العام،الناتج المحلي،معدل نمو السكان،المعدل الوسطي للنمو،نسبة الشباب على عدد السكان،نسب التعليم العالي،نسبة تشكل القوى العاملة،فجوة الحماية الاجتماعية وكل ذلك بالاستناد إلى المقارنة بين الدول النامية،أفريقيا الشمالية الصحراوية،شرق آسيا،جنوب أفريقيا،والشرق الأوسط وذلك ضمن حزمتين من الأرقام تأتي من مرحلتين الأولى بين 1970ـ 1990 و الثانية بين 1990 ـ 2010 مما يؤكد الاستنتاجات التي ذهب إليها.



تلاها الجلسة الأولى بعنوان المؤتمر العام " المواطنة والانتفاضات العربية"وقد أدارها"محمد ريحان" وتحدث فيها بداية من فلسطين وعبر نظام الاتصالات"سكايب"من جامعة بيرزيت "مضر قسيس"حول شعارات الكرامة خلال الانتفاضات العربية ومما تحدث به:".. يوجد ثلاث فرضيات تشرح الذي جرى.الاولى انه يوجد علاقة بين أسباب انطلاق الانتفاضة،أو الثورة،بنتائجها،وهي علاقة ضعيفة لأنه في خضم الحراك تحصل تغيرات كثيرة.غير أنها تبقى علاقة جوهرية لان الأسباب التي تدفع الناس للحراك ربما تشكّل السقف الذي يحدد الى أين يريدون الوصول.
الفرضية الثانية هي انه كل ما نقوله اليوم يبقى نظري جدا.لأن الحراك الذي نتحدث عنه،ونناقشه،هو لا يزال في مرحلة التململ.أي انه في البدايات ومن الصعب فحص أي نتائج.
الفرضية الثالثة تقول على وجوب الفصل ،وبالضرورة، بين دوافع الحراك والإدراك الشعبي الواضح أو الجلي لهذه الدوافع.ألإدراك الشعبي يتمتّع بصفة الذكاء،الذي نسميه الحسّ السليم،وهو نوع من الإدراك المختلف عما نستخدمه كباحثين لأننا،نبتعد عنه ولا نستخدمه،باعتبار أننا نبحث عن علاقات سببية ومنطقية في عالم الظاهر فيه يختلف عن الباطن.وبالاستناد إلى الفرضيات هذه يظهر لنا ان الصورة شائكة جدا ولتفكيكها يتطلب الأمر الخوض في نقاش ..".  
تلاه ولكن هذه المرة من على المنبر "غسان خالد" من الجامعة اللبنانية معهد العلوم الاجتماعية الذي تحدث عن "إشكالية المواطنة في الفكر السياسي العربي" ومما قاله في مداخلته البحثية:"الحقيقة في الحديث عن إشكالية المواطنة في الفكر السياسي العربي يبدو أن الأمر فيه شيء من المبالغة.لان الفكر السياسي العربي لم يعرف المواطنة نتيجة لوراثته لفكرين أساسيين هما الفكر القبلي والفكر الديني.فالفكر السابق على الإسلام ،والذي نسميه الفكر القبلي ،لمتكن حدود للقبائل على مواطنها،كما لم تكن حدود ولا حقوق للأفراد في قبائلها أو عشائرها.
ذلك أن مفهوم طغيان حس المشاركة الاجتماعي على الحياة الاجتماعية والسياسية فيها فرض على العلاقات مع الفرد في العشيرة حقوق دون أن يعطيه واجبات.وهو نظام سياسي أسميته "البدوقراطية".وجاء الدين الإسلامي ليستوعب هذه القبلية السياسية ويمشي بها.وطبعا في أيام الخلافة،لان الإسلام أعتمد الخلافة نظام حكم،هناك تمييز في النص القرآني بين المسلمين وغير المسلمين.كما انه هناك تمييز أبرز آخر بين الكافر وأهل الكتاب.وهناك تمييز أيضا على الصعيد الاجتماعي بين المؤمن والناس العاديين والعبيد.وهناك تمييز يتكرّس أكثر ما يتكرّس في نظام الحكم،في مسألة نظام المبايعة،حيث اختيار الخليفة يكون على ما يسمى الخواص و العوام.لا يحق للعوام اختيار الخليفة،أو المشاركة في اختياره،لأن الخيار من حق أهل الخواص وهم رجال الأعمال الكبار رجال الدين الوجهاء في هيئاتهم الاجتماعية.لذلك الالتباس يبدأ هنا حول المواطنة حتى نصل إلى انهيار الدولة العثمانية وتشكّل الدولة القطرية...".  



من بعده تناولت "نجلاء حماده" موضوعة "القومية،الانتفاضات،والمواطنة"وهي تأتي من مؤسسة الباحثات اللبنانيات ومما قالته :" بعد تجاوزها الغوص في المفاهيم كي لا تكرر ما سبق قوله(..)وللكلام على العلاقة بين المواطنة والقومية خلال الانتفاضات العربية فمن الانتقادات التي رددت كثيرا فيما كتب عنها تأتي مقولة الغياب للفكر الثوري المرافق لها المساند والمواجه.ومن كتبوا كانوا مقارنين بين ما يقابلها في الغرب وبينها ومنهم التونسي مرشد الكبري "الثورة في الفكر المعاصر"و المصري يوسف زيدان في كتابه "فقه الثورة".يقول زيدان ان قياس الفعل الثوري انما يكون بدرجة وعي القائم به وبمقدار عمق فكرته عن الثورة.وهو يرى غياب هذا الفكر في الثورة المصرية ويعطي مثال على ذلك من خلال المقارنة بين الشعارات وتناقضاتها.فيذكّر "الثوار هم ضمير مصر الحيّ"،"الثوار هم نكبة على البلاد"،"الثورة تعني الصلاح الجزري للفساد العام"،"تعني الفوضى وقطع الأرزاق"،"الثورة هي التي حمت الجيش"،"الجيش هو الذي حمى الثورة"،"السيسي هو رئيسي"،"يسقط يسقط حكم العسكر" أعطى هذه الأمثلة ليبرهن أن الفكر الذي يناقض نفسه يبرهن عن غيابه.
ويعتبر الباحث التونسي أن الفكر الذي سبق الثورة في الغرب كان طوباويا غير قابل للتطبيق بينما الثورة عربيا مختلفة بنيويا عن غيرها بدليل اشتقاق الكلمة من "ثور" فلا عجب من القول أن ما يجري هو رد فعل انفعالي ظرفي يتصل بالحركة والغضب والهياج دون أن يكون مستند إلى موقف فكري.كما يرى أن هذا لا يغير الثورة إنما على ضؤ الانتفاضات يمكن إعادة النظر في مفهوم الثورة بحد ذاته.
واعتقد أن الطلائع الفكرية في الثورة التونسية كانوا أكثر جهوزيه من الطلائع البرجوازية المصرية.بل تضمن وجود فكري رجعي ينطوي على تنظيم وتخطيط ضد القومية والأمة".
المداخلة الاخيرة قدمها خليل خيرالله حول "المواطنة بين الدولة الدينية والدولة المدنية في الانتفاضات العربية" ومما تحدث حوله :"اخترت ان ابحث في معاني الكلمات "المواطنة" ماذا تعني في عالمنا العربي؟ثم الدولة ،وهل هي دولة دينية أم مدنية .وما هو واقع دولنا العربية في سياق ما بدأ ولم يكتمل بعد من الانتفاضات العربية؟ من المبكر ان نقول ان هذه الثورة نجحت أو انها فشلت.ولكن هناك مؤشرات.في واقع دولنا العربية نجد خلطه عجيبة بين مفهوم المدنية،بالنموذج الغربي، والدولة الدينية.طبعا مر زمن طويل كنا تحت الحكم المملوكي ثم العثماني.كان الغرب يسير باتجاه ويتتطور ونحن نعيش في نظام الملة والنحلة.اما بعد تفكك الرجل المريض فقد أوصلنا هذا النظام الى استعمار غربي مقنع بشكل انتدابات التي ادخلت لنا أنظمة على شكل ما هو غربي ولكن لإلباس جسم شرقي.فكانت المؤسسات والدساتير.لكنها لا تعمل وأكثر البراهين ما يعاني منه لبنان".              
          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق