الثلاثاء، يونيو 16، 2020

أميغو


" أميغو "




نظيفة. وحيدة .لأنها فريدة. ترفرف من الذاكرة. هكذا كنا نناديه وينادون عليه كل من عرفه "بحري" وصاحب مراكب " لنشات" هكذا كان أو هكذا وصل الى ما أصبحه بعد مسار طويل من الأعمال الشاقة  " أميغو ".لم أعرف له شهرة تضيف على هذا اللفظ الهجين الذي في الغالب ابتلع حتى الإسم فهو " سمير " الغرابة حين يتعامل بها كل أبناء مدن البحر وهم معجونون في بوتقة أمواجه ومراكبه وكل مستقدم هجين ؟
مضت سنين . عشرات منها ولم نلتقي وقد غاب دون ان ادري وكانت آخر دفعات اللقاء مشاوير مع "فوتين" في فترة الخطوبة .وكأننا كنا نحتاج الى هذه الفترة لنتعارف ! كان يحملنا على مركبه ويسرح بنا في مشوار يصل المرفأ وما بعده أو إلى الجزر برفقة الأصدقاء لتمضية أوقات السباحة حيث كان يبقى معنا أو يستأذن لعمل يقضيه ويعود.



كل ذلك كرامه لعيني الخواجا جورج المعلم " أبو بندلي " حين يفهمنا الأمر بوضوح ، ماله ومال هذه المشاوير الفالصو!، ويرشق الحديث بعدها بسلسلة من الكلمات التي يخال سامعها انها جملها إيطالية ، فرنسية ، يونانية غير انها لا تقترب من كل تلك اللغات غير استعارتها للرجس والأصوات وما شبه لها من أنغام فهو كان " يخبصها " ويلتها ويعجنها بعربية مواربة من الكلمات انما يضيف اليها من حركات اليدين وتراقصها ما يسحرك وكأنك تسمع منه مباشرة ولادة لغة حية بالمباشر والإرتجال كيف يصنع ذلك ؟ كيف يؤلفها ؟ كيف يمرقها عليك ؟
انه " أميغو " يخبرك حكايات المرفأ بجمله الطويلة يعلق خلالها على مشاهداته ومعايشته لشؤون العمال والحمالين والحشاشين وخفر السواحل ومشاحنات البحارة مع بعضهم وفهلوة الساعين للحصول من القبطان على صناديق من الكروزات أو علب السجائر المهربة .وختمة الحديث غالبا ما لصق بها : " حبيـــبي "  .. مدعومة بمرادفتها " أغابيمو .. ! "



انه " أميغو " الذي كان خير مصاحب لوالدي في ذهابه للصيد "بالقصبة" خلف مستودعات المرفأ، أو على السنسول كاسر الموج ، قبل ان أصبح يستخدم السيارة للدخول الى الحرم المجاور والتابع للمرفأ. " أغابيمو " سمير وهذا اسم العلم لأميغو الذي أمضى ردحا من الزمن "بحري" على مراكب الحاج " عبدالستار" وابنه القبطان "صلاح" وفيما بعد امتلك مراكبه الخاصة وصار يعمل لحسابه الخاص.
كيف ذكرته الآن ؟ فبعد ان التقيت إبنه في سيارة تاكسي وتحدثنا عن ذكريات والده و مشاويره وطفى في ذهني انه من الممكن انه سبق لي ان اخذت له صورا !؟ ومع ترتيب الصناديق والصور ظهرت صورتان. وبقس انني من اسبوع صادفت ابن زميله في العمل البحري ال" شربه" فسألته عن اسم عائلة " أميغو" فقال لي: أميغو ..آه "سمير" إيه .. إيه انه من عائلة " الموصللي ". 

     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق